سؤال : جاء في سورة عبس : (( عَبَسَ وَتَوَلّى أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى . ))
روي أن ابن أم مكتوم أتى محمداً وهو يتكلم مع عظماء قريش، فقال له: أَقرِئني وعلّمني مما علّمك الله. فلم يلتفت محمد إليه وأعرض عنه وقال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد إنما اتَّبعه الصبيان والعبيد والسَّفلة. فعبس وجهه وأشاح عنه، وأقبل على القوم الذين كان يكلمهم.
ونحن نسأل : كيف يراعي محمد أصحاب الجاه ويرفض الفقير والمسكين ويقطب وجهه للأعمى؟ أين هو من المسيح الذي لما جاءه الأعمى أحاطه بعطفه ورعايته وأعاد إليه البصر؟
الجواب :
جاء حول تفسير هذه الآيات الكريمات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو عتبة وشيبة ابني ربيعة ، وأبا جهل ، والوليد بن المغيرة ، وغيرهم من كبار وصناديد قريش فأتاه ابن أم مكتوم الأعمى ، وقال له يا رسول الله : (( أقرئني وعلمني مما علمك الله تعالى )) ، وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغل النبي بالقوم ، فكره رسول الله قطعه لكلامه ، وأعرض عنه عابساً ، فنزلت الآيات .
وليس في القصة ما يفيد احتقاره صلى الله عليه وسلم للأعمى ، فإنه لم يعرض عن ابن أم مكتوم قصداً لإساءته ، ولا استصغاراً لشأنه ، وإنما فعل ذلك حرصاً منه على أن يتفرغ لما هو فيه من دعوة أولئك الأشراف ، وتهالكاً على إيمانهم ، لأنه كان يرجو أن يسلم بإسلامهم خلق كثير ، ويطمع في ذيوع أمره إذا انضم هؤلاء إليه ، وكفوا عن مناضلته والكيد له .
وكان النبي _ إذن _ يبتغي بعمله التقرب إلى ربه ، كان جاداً في نشر الدعوة مستغرقاً فيما رآه أنفع لها وأجدى عليها ، وأقرب شىء إلى الطبيعة البشرية في هذه الحالة أن يعبس الإنسان إذا صرفه صارف عما هو بصدده ، كما فعل ابن مكتوم .
ولكن ذلك كان على خلاف مراده تعالى فعاتبه عليه ، ونبهه إليه ، وبين له أن الصواب في ألا يعرض عن راغب في المعرفه مهما قل شأنه ، وألا يتصدى لمعرض عن الهداية وإن كان عظيماً ، لأن مهمته التبليغ ، وما عليه من شىء في كفر الناس أو إيمانهم .
فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كما يروى إذا رأى ابن مكتوم يبسط له رداءه ويقول : (( مرحباً بمن عاتبني فيه ربي ))
ثم ألم يسأل المعترض نفسه أنه لو كان القرآن من عند محمد أكان يسمح لنفسه أن يضع هذه الآيات التي تعاتبه والتي سيقرأها الاجيال المتلاحقة من بعده؟!
وقد أقر بهذا بعض المستشرقين ، مثل المستشرق (ليتنر) حيث قال : (( مرة أوحى الله إلى النبي وحيا شديد المؤاخذة ؛ لأنه أدار وجهه عن رجل فقير أعمى , ليخاطب رجلا غنيا من ذوي النفوذ، وقد نشر ذاك الوحي، فلو كان محمد كاذبا -كما يقول أغبياء النصارى بحقه -لما كان لذلك الوحي من وجود ))
وبعد أن وضحنا ان زعم المعترض بأن الرسول الكريم يحتقر الاعمى ليس في محله ، لنرى الآن كيف نسب كتابه المقدس للمسيح من انه احتقر المرأة الكنعانية ووصفها بال|~ هده الكلمة غير مسموح بها في المنتدى~|ة !! وهذا طبقاً لما ورد في متى [ 15 : 26 ] :
فعندما جائت إمرأة كنعانية تسترحم المسيح بأن يشفى ابنتها رد عليها قائلاً : (( لا يجوز أن يأخذ خبز البنين ويرمى للكلاب !! )) وبالتالي كل من ليس يهودي فهو من الكلاب !
فكيف يصدر هذا التعبير القاسى جداً من إله المحبة المزعوم !
وهل هذا هو موقف من يقول : ((أريد رحمة لا ذبيحة))[ متى 9 : 13 ]
هل الرحمة تكون مرهونة بقوم دون آخرين ؟ وإذا كنا لا نرحم الآخرين فهل نصفهم بالكلاب ؟!
وبعدما أراقت هذه المرأة المسكينة آخر نقطة من ماء الكرامة الانسانية وأقامت الحجة بقولها للمسيح : ((والكلابأيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها))حقق لها أملها وشفيت ابنتها [ متى 15 : 27 ]
المسيح يشتم الانبياء الكرام عليهم السلام واصفاً إياهم باللصوص :
نسب يوحنا إلى المسيح أنه قال : (( أنا باب الخراف وجميع الذين جاؤوا قبلي سارقون ولصوص ! )) ونحن لا نصدق مطلقاً أن المسيح كان يقول إن (( جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص )) وإلا فهل يتصور عاقل أن الرسل والأنبياء من عهد آدم إلي موسى وأنبياء بني اسرائيل أجداد المسيح كانوا سراقاً ولصوصاً ؟ !
أمير السلام ينقض وصيته للتلاميذ بمحبة الاعداء والاحسان إليهم :
_ لقد نسب لوقا للمسيح عليه السلام انه شتم أحد الذين استضافوه ليتغدى عنده في بيته : (( سأله فريسي أن يتغذى عنده . فدخل يسوع واتكأ . وأما الفريسي فلما رأى ذلك تعجب أنه لم يغتسل أولاً قبل الغداء فقال له الرب : أنتم الآن أيها الفريسيون تنقون خارج الكأس وأما باطنكم فمملوء اختطافاً وخبثاً يا أغبياء ! ويل لكم أيها الفريسيون ! . . . فأجاب واحد من النامسيين وقال له : يا معلم ، حين تقول هذا تشتمنا نحن أيضاً. فقال : وويل لكم أنتم أيها الناموسيون !))انجيل لوقا [ 11 : 39 ]
ان أي انسان يحترم عقله يستطيع أن يدرك أن كلمة (( يا اغبياء)) التي قالها المسيح لمعلموا الشريعة وما جاء بعدها من كلمات ، انما هي شتيمة واضحة ، بدليل ان واحد من الناموسيين قد فهم تلقائيا ان ما كان يقوله المسيح لم يكن الا شتماً [لوقا 11 : 45 ] ولم ينكر المسيح عليه فهمه ..
ويستمر يسوع " المحبة " بإرسال الشتائم والويلات و المهالك الى الناموسيين وغيرهم ، من غير ان ينفي هذا الإتهام ( أعني إتهام أنه كان يشتم ) :
_ قام بشتم معلموا الشريعة قائلاً لهم : (( يا أولاد الافاعي )) متى [ 3 : 7 ]
_ وشتمهم في موضع آخر قائلاً لهم : ((أيها الجهال العميان )) متى [ 23 : 17 ]
_ وقد شتم تلاميذه ، إذ قال لبطرس كبير الحواريين : (( يا شيطان )) متى [ 16 : 23 ]
_ وشتم آخرين منهم بقوله : (( أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان ! )) لوقا [ 24 : 25 ]
مع انه هو نفسه الذي قال لهم قد اعطى لكم أن تفهموا اسرار ملكوت الله !! لوقا [ 8 : 10 ]
_ وقال ليهيرودس : (( قولوا لهذا الثعلب )) لوقا [ 13 : 32 ]
_ ومن أخلاقه تجاه أمه نجد أنه كان مستهتراً بها يناديها في وسط الحضور بقوله لها : (( مالي ولك يا إمرأة ! )) يوحنا [ 2 : 4 ]
ومن أخلاقه أنه يطلب من تلاميذه عدم إفشاء السلام في الطريق . لوقا [ 10 : 4 ]
_ ومن أخلاق المسيح مع الناس ما جاء عنه في متى [ 7 : 6 ] : (( لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير ))
ان هذا التعبير الذي صدر من إله المحبة المزعوم يحمل فى ظاهرة الدعوة إلى الإنفصالية والتفرقة بين الناس ! ... إنها أخلاق رئيس السلام كما جاءت في الانجيل .
والأهم من ذلك هو كيف تصدر مثل هذه الكلمات من إله المحبة المزعوم ؟!
والمدهش بعد هذا : ان المسيحيون يدعون ان المسيح جاء ليفدينا ويموت من اجلنا وانه لا يصح ان يكون بخطيئة من جاء لهذا الأمر !!!
عجبت فعلا يا اخوتي في الله من امر النصاري عبدة الصليب والمسيح
إننا ندعو كل مسيحي منصف أن يترك التعصب جانبا و يسمع لنداء الله سبحانه وتعالى
إذ يقول
(( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ))
((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ)) المائدة 75 ـ 77. صدق الله العظيم
وهدفنا هنا هو بيان الحق والصدق للمسلم حتى يكن على يقين أن الله تعالى اختار خير البشر لرسالته وخير الصحبة وخير جيل لصحبة رسوله ثم استخلف رسالته لخير الأمم طالما تمسكوا بما كان عليه رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال الشافعي: حكمي فِي أهل الكلام: أَنْ يضربوا بالجريد والنّعال، ويطاف بهم فِي القبائل والعشائر، ويقال: هَذَا جزاءُ من ترك الكتاب والسنّة، وأقبل عَلَى الكلام